في بلدة صغيرة يغمرها الهدوء والطبيعة السّاحرة، عاشت فتاة تُدعى ربا..
كانت فتاة هادئة تحب التأمل، تجد في الليل ونجومه رفيقاً يُصغي لأسرارها.
ربا التي كانت أحلامها كثيرة، لكنها اختصرت حياتها بحلم واحد يضيءُ قلبها: أنْ تصبح طبيبة تداوي آلام الناس.
ذات ليلة، جلست ربا بجانب نافذتها الخشبية القديمة التي تطل على حديقةٍ صغيرةٍ مزروعة بأزهار الجوري البيضاء، كانت السماء صافيةً، تتلألأ فيها النجوم كحبات لؤلؤ.
شعرتْ بنسيم الليل البارد يداعب وجهها، لكنه لم ينجح في تبديد قلقها.
همستْ لنفسها، وكأنها تخاطب السماء: هل سأستطيع تحقيق حلمي؟ هل سأتمكن من أن أكون طبيبة يومًا ما؟”
فجأةً، شعرت بدفءٍ غريب يحيط بها،
انتفضت ونظرت حولها، لكن الغرفة كانت خالية. ثم سمعت صوتًا ناعمًا، يشبه لحنًا هادئًا: هل تريدين أن أجيبك على سؤالك؟
تجمدت ربا للحظة، ثم قالت بتردد: مَن يتحدث؟ ومن أنت؟
أجاب الصوت برقة: أنا حارسة الأحلام، أعيش بين النجوم، أراقب القلوب الطاهرة التي تسعى لتحقيق أحلامها، أتيت لمساعدتك، لكن بشرط!
سألتها ربا بحماس ممزوج بالفضول: شرط!! وما هو شرطك؟
قالت حارسة الأحلام: عليكِ أن تسألي أصدقاءك: هل تستطيعون تحقيق أحلامكم؟… اجمعي إجاباتهم وأخبريني بها غدًا، الإجابة التي تبحثين عنها ليست عندي، بل عند من حولك…
استيقظت ربا صباح اليوم التالي وهي تشعر بطاقة كبيرة، قررت أنْ تبدأَ رحلتها بالسؤال الذي طلبته منها حارسة الأحلام.
في المدرسة، اقتربتْ من صديقتها المقربة حنين، التي كانت تجلس بجانب النافذة ترسم وردة حمراء. كان شعر حنين البني القصير مغطىً ببقع صغيرة من الألوان، وعيناها السوداوان تلمعان شغفًا. عندما سألتها ربا: حنين، هل تعتقدين أنك تستطيعين تحقيق حلمك؟
ابتسمت حنين بثقة وقالت: أحلم أن أصبح رسامة مشهورة، في البداية كنت أشك في لوحاتي، لكنني التحقتُ بمركز لتعليم الرسم، وأرسمُ يوميًّا، نعم، أؤمن أنني سأحقق حلمي يومًا ما.
ثم تحدثت مع ليلى، التي تحلم بأن تصبح مهندسةً معمارية، لكنها تعاني من قلة الدعم.
كانت كل إجابة تضيف لربا فهمًا أعمق لمعنى الحلم والعمل من أجله.
عندما عادت ربا إلى غرفتها في تلك الليلة، جلست بجانب نافذتها، ونظرت إلى السماء التي بدت وكأنها أكثر إشراقًا. شعرت بتلك الهالة الدافئة تحيط بها مرة أخرى، ثم سمعت صوت حارسة الأحلام: مرحبًا يا ربا، هل جمعت الإجابات؟
قالت ربا بثقة: نعم. جميع أصدقائي لديهم أحلام كبيرة، وبعضهم واثق من تحقيقها، بينما البعض الآخر يخاف، لكنهم جميعًا يحاولون. أدركت أن الحلم يتحقق فقط بالإيمان والعمل، حتى لو بدا صعبًا
ابتسمت حارسة الأحلام وقالت: أحسنتِ يا ربا. الأحلام مثل الزهور، تحتاج إلى ماء الصبر وشمس الإرادة لتزهر. إن أردتِ أن تصبحي طبيبة، عليك أن تثقي بنفسك وتواصلي العمل، حتى إن واجهتِ الصعاب.
مرت السنوات، وواجهت ربا تحديات كثيرة. كانت تسهر ليالي طويلة، تتعلم وتدرس، وتواجه اختبارات صعبة. لكنها كانت تتذكر دائمًا كلمات حارسة الأحلام وقصص أصدقائها، مما أعطاها القوة للاستمرار.
وفي إحدى الليالي، جلست في عيادتها الصغيرة. أمامها طفلٌ صغير يبكي من الألم، ووالدته التي تشعر بالعجز. ابتسمت ربا وقالت: لا تقلقي، سأعتني به.
بعد أن انتهت من علاجه، نظرت إلى نافذة عيادتها. شعرت وكأن النجوم تهمس لها بصوت حارسة الأحلام: لقد فعلتها يا ربا…
ابتسمت وقالت بهدوء: الحلم ليس نهاية الطريق، إنه البداية لرحلة جديدة.
أما عن أصدقائها فقد أصبحت حنين رسامة تُقيم معارض دولية تُبهج بها القلوب.
وتمكنت ليلى من تحقيق حلمها بتصميم منزل جميل لوالدتها، ليكون أول خطوة في مسيرتها كمهندسة.
وفي كل لقاء بينهم، كانوا يتحدثون عن أحلامهم الجديدة، متذكرين دائمًا أن الحلم يبدأ بخطوة مليئة بالشجاعة، وينمو بالإيمان والعمل.
الكاتبة: شيماء البكر