الصَّاحب السَّاحب

عليٌّ شابٌّ في ربيع العمر، نشأ في عائلة محافظة، كان أبوه أستاذًا في الأزهر، وأمه تعمل داعية في أحد المساجد، وكذلك إخوته تربَّوا جميعًا في بيت محافظ، أقيمت أركانه على شرائع الله، فكان عليٌّ لا يدع فرضًا من صلاته وكان أصحابه كذلك.
وفي يوم من الأيام تقابل عليٌّ مع صديق له قديم، عرفه في المرحلة الإعدادية والثانوية وافترقا عند الجامعة، لما رآه سأله عن أحواله وأخذهم الحديث إلى أن سمع عليٌّ أذان العصر، فقال عليٌّ: ما رأيك أن ترافقني إلى المسجد لكي نصلي معًا ثم نذهب كل واحد منا إلى عمله، فقال أحمد: لا أنا لا أصلي، سأذهب إلى أعمالي. وهنا طلب عليٌّ من صديقه أحمد رقم هاتفه لكي يكونا على تواصل وافترقا على أمل اللقاء مجددًا.
وعندما ذهب عليٌّ إلى الجامع كان حزينًا جدًّا على صديقه، لأنه لم يرَه في صفوف المصلين، لأن المومن يحب لأخيه ما يحب لنفسه.
وفي اليوم الثاني ذهب عليٌّ إلى صلاة الظهر وبعد أداء الصلاة جلس عليٌّ لكي يدعو الله، فتذكر صديقه أحمد، فدعا له وطلب من الله أن يدلَّه ويهديَه إلى الطريق الصحيح، وخرج عليٌّ من الجامع وهو يرجو أن الله سيجمعه بصديقه أحمد في الأيام القادمة.
وفي يوم من الأيام اتَّصل عليٌّ بصديقه أحمد لكي يلتقيا، فقال له أحمد: بكل محبة وسرور سوف نلتقي يا صاحبي. فأخذ منه موعدًا، فلما التقيا اغتنم عليٌّ هذه الفرصة، وأخذ يتحدث أمام أحمد عن الصلاة بطريقة غير مباشرة لكيلا يجرح مشاعره.
فقال: ما أجمل اللقاء مع الله في كل وقت، وأطال عليٌّ بالحديث عن الصلاة وفوائدها وجمالها وأنها راحة نفسية وأمان وصلة بين العبد وربه، وكان أحمد يستمع إليه بينما كان يردد بينه وبين نفسه: كم أنا مقصِّر بحقك يا ألله! فظلّ يستمع إلى عليٍّ. وانتهى حديثهما وافترقا على رجاء أن يلتقيا مجددًا.
وفي أحد الأيام بعد فترة من الزمن بينما كان عليٌّ يهِمُّ بالدخول إلى المسجد، فإذا به يسمع صوتًا يناديه: يا صاحبي يا عليُّ! تمهَّل لندخل معًا إلى المسجد، فالتفت عليٌّ فرأى صديقَه أحمد وهو يرتدي ثياب الصلاة وهو يبتسم، فكم كانت فرحةُ عليٍّ كبيرة بأنه استطاع أن يدُلّ صديقه إلى الطريق الصحيح! فشكر الله كثيرًا واحتضن صديقه وبعدها صلّيا.
هذه هي الصحبة الصالحة، فالصاحب ساحب إذا كان صديقك صالحًا فإنه يأخذ بك إلى طريق الهداية والصلاح وتكون في صحبة الصالحين، وما إذا كان الصاحب غير صالح فإنه يأخذ بك إلى طريق التهلكة والفساد، فعلينا أن نختار الصديق الصالح في كل الظروف والأوقات، وعلينا أن نشكر الله على نعمة الصحبة الصالحة.

الكاتبة :روهى البوحسن

تقيم هذه القصة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top